الاستعاذة والبسملة

الاستعاذة

الاستعاذة لغةً: الالتجاء والاعتصام والتحصن، واصطلاحاً: لفظ يحصل به الالتجاء والاعتصام  والتحصن بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وهو ليس من القرءان الكريم بالإجماع، ولها عدة صيغ أرجحها قول (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) لأنه أقرب الصيغ لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98]، ويجوز التعوذ بغيرها مما فيه زيادة عليها نحو: (أَعُوذُ بِاللَّهِ السَمِيعِ العَلِيمٍ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) أو نقص عنها نحو: (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ)، وقد ذكر الإمام ابن الجزري أن لها ثمان صيغ.

حكم الإتيان بها

مستحبةٌ عند جمهور العلماء عند الابتداء بالقراءة سواءً أكانت التلاوة من بداية السورة أو من وسطها، وواجبة عند البعض:

  1. مستحبة عند من قال إن الأمر في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98] محمول على الندب.
  2. واجبة عند من قال إن الأمر في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98] محمول على الوجوب.

 قال ابن الجزري في طيبة النشر في القراءات العشر:

 وَاستُحِبَ … تَعَوُّذٌ وَقَـالَ بَعضُهُــم يَجِـب

حكم الجهر بها

اختلف العلماء في حكم الجهر بالاستعاذة وإخفائها على الأقوال التالية:

  • الجهر بها مطلقًا وهو المختار عند الأئمة القراء.
  • تقييد الجهر بها بحضرة من يسمع قراءة القارئ.
  • الجهر بها في مواطن والإسرار بها في مواطن وهو قول ابن الجزري والراجح لدينا:
    • يجهر بالاستعاذة عادةً في: مقام التعليم؛ حضرة من يستمع للقارئ لينصت السامع للقراءة من أولها فلا يفوته شيء منها؛حال كان القارئ هو أول من يبدأ القراءة في جماعة.
    • يسر بالاستعاذة عادةً في: قراءة المنفرد سواءً قرأ جهرًا أو سرًا؛ القراءة سرًا؛ حال لم يكن أحد يستمع للقارئ؛ في صلاة الإمام والمنفرد؛ حال لم يكن القارئ هو أول من يبدأ القراءة في جماعة.

 قال ابن الجزري في طيبة النشر في القراءات العشر:

وَقُــــل أَعـُـــوذُ إن أَردتَّ تَـقــرَا … كَالنَحـلِ جَهرًا لِجَـمـِيعِ القُرَّا

وإن تُغَـيِّــر أَو تَـــزِد لَفــــظًا فَلا … تَعدُ الذى قَـد صَـحَّ مِمَا نُقِلَا

وَقِيلَ يُخفِــي حَمـــزَة حَــيثُ تَلا … وَقِـيــــلَ لا فَاتِحَـــة وَعُــلِلًا

وَقِف لَهُم عَلَيهِ أوصِل وَاستُحِبَ … تَعَوُّذٌ وَقَـالَ بَعضُهُــم يَجِـب

وقال السَّمنَّودي في لآلئ البيان: 

إنِ شِئـتَ تَتْلُــو فَاسْتَعِذْ وَلتَجهَرَا … لِسَامِــعٍ كَمَــا بِ(نَحْــــلٍ) ذُكِــــرَا

وَإنِ تَــزِدْ أَو تَنْقُــصَ اوْ تُغَيِّـــرَا … لَفْظًــا فَلا تَعْـــــدُ الَّذِي قَـــد أثــراَ

وَالنَّـدْبُ مَشْهُـــورٌ فِي الِاسْتعِاذَة

تنبيهات: 

  • محل الاستعاذة هو قبل القراءة إجماعًا.
  • لا يجوز وصل الاستعاذة بآية تبدأ بلفظ الجلالة أو ضمير يعود عليه أو اسم النبي صلى الله عليه وسلم لبشاعة المعنى.

البسملة

هي قول: ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: 1]، وتعني أقرأ حال كوني مبتدئًا أو متباركًا بسم الله الرحمن الرحيم، وهي بعض آية من سورة النمل، واختلف العلماء في كونها آية من أول كل سورة كتبت فيها أم لا.

رأي العلماء في كونها أية من السور

اتفق الأئمة بأن البسملة هي جزء من آية في سورة النمل وهي: ﴿إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ [النمل: 30]، كما اتفقوا أنها ليست أية في بداية سورة التوبة، واختلفوا في كونها أية في بداية سورة الفاتحة ومطالع السور على الأقوال التالية:

  • الشافعية: يرون أنها آية من الفاتحة ومن مطالع السور باستثناء سورة التوبة.
  • الحنابلة: يرون أنها آية من سورة الفاتحة خاصة وليست بآية من مطالع باقي السور.
  • الحنفية: يرون أنها ليست بآية من الفاتحة ولا من مطالع السور ولكنها أية من القرءان تفصل بين السور.
  • المالكية: يرون أنها ليست بآية من الفاتحة ولا من مطالع السور، وإنما كتبت في أوائل السور باستثناء سورة التوبة للتبرك.

حكمها الإتيان بها

  • البسملة في أوائل السور: اتفق القراء على وجوب الإتيان بها عند الابتداء بأول كل سورة عدا سورة التوبة لكونها نزلت بالسيف وقد اشتملت على الأمر بقتل المشركين وهذا لا يتناسب مع الرحمة التي في البسملة.
  • البسملة في أثناء السورة: اتفق القراء على أن القارئ مخير بين الإتيان بالبسملة أو تركها إذا ابتدأ القراءة من غير أول السورة عدا سورة التوبة فاختلفوا بين المنع والجواز، والراجح هو جواز الإتيان بها بعد الآي التي تتكلم عن قتل المشركين.
  • البسملة بين السورتين: اختلف القراء في إثباتها أو حذفها في حال الوصل بين السورتين باستثناء سورة التوبة فقد اتفقوا على حذفها عند وصل أي سورة بالتوبة، وحفص ممن قرأ بإثباتها بين السورتين عدا سورة التوبة.

قال الشاطبي في حرز الأماني ووجه التهاني:

وَمَهْمَا تَصِلْهَـا أَوْ بَدَأْتَ بَرَاءَةً … لِتَنْزِيْلِهاَ بالسَّيْـــفِ لَسْتَ مُبَسْمِـــلَ

وَلاَ بُدَّ مِنْهاَ فِي ابْتِدَائِكَ سُورَةً … سِوَاهاَ وَفي الأَجْزَاءِ خَيَّرَ مَنْ تَلَاَ

الأوجه الجائزة عند الابتداء بالتلاوة

أوجه الابتداء بالتلاوة من أول السورة باستثناء سورة التوبة

الأوجه الجائزة عند الابتداء من أول السورة (باستثناء سورة التوبة) عند الجمهور الذي يرى أن الاستعاذة مستحبة هي كما يلي:

1- مع الإتيان بالاستعاذة

  1. قطع الاستعاذة عن البسملة عن أول السورة كلٌ بنفس مستقل.
  2. قطع الاستعاذة بنفس ثم وصل البسملة بأول السورة بنفس واحد.
  3. وصـل الاستعاذة بالبسملة بنفس واحد وقطعهما عن أول السورة.
  4. وصـل الاستعاذة بالبسملة بأول السورة بنفس واحد.

قال عثمان مراد في السلسبيل الشافي:

يَجُــــوزُ إِنْ شَرَعْـــتَ فــي القِــرَاءةِ … أَرْبَــــــــعُ أَوْجُــــــــــــهٍ للاِستِعَاذَةِ

قَطْـــــعُ الجَميــعِ ثُمَّ وَصْـــــلُ الثَّاني … وَوَصْــــلُ أوَّلٍ وَوَصْــــــــلُ اثنانِ

2- بدون الإتيان بالاستعاذة

  1. قطع البسملة عن أول السورة كلٌ بنفس مستقل.
  2. وصـل البسملة بأول السورة بنفس واحد.

تنبيهات:

  1. لا يجوز وصل البسملة بآية تبدأ بلفظ الشيطان أو ضميرًا يعود عليه لبشاعة المعنى.
  2. أوجه الابتداء بالتلاوة من أول السورة باستثناء سورة التوبة هي الأربعة أوجه المذكورة لمن عنده الاستعاذة واجبة.

أوجه الابتداء بالتلاوة من أول سورة التوبة

الأوجه الجائزة عند الابتداء من أول سورة التوبة عند الجمهور الذي يرى أن الاستعاذة مستحبة هي كما يلي:

1- مع الإتيان بالاستعاذة

  1. قطع الاستعاذة بنفس ثم البدء بأول السورة بدون بسملة.
  2. وصـل الاستعاذة بأول السورة بدون بسملة بنفس واحد.

2- بدون الإتيان بالاستعاذة

  1. البدء بأول السورة بدون استعاذة ولا بسملة.

 

قال بن الجزري في طيبة النشر في القراءات العشر:

وَفِي اْبتِدَا السُّورَةِ كُلٌّ بَسْمَلاَ سِوَى بَرَاءَةٍ فَلاَ

تنبيهات:

  • لا يجوز للقارئ البدء بسـورة التـوبة بالبسملة.
  • أوجه الابتداء بالتلاوة من أول سورة التوبة هي الوجهان المذكوران لمن عنده الاستعاذة واجبة.

أوجه الابتداء من وسط السورة

اتفق القراء على أن القارئ مخير بين الإتيان بالبسملة أو تركها إذا ابتدأ القراءة من وسط السورة عدا سورة التوبة فاختلفوا بين المنع والجواز والراجح هو الجواز، وبهذا تكون الأوجه الجائزة عند الابتداء من وسط السورة عند الجمهور الذي يرى أن الاستعاذة مستحبة هي كما يلي:

1- مع الإتيان بالاستعاذة والبسملة

  1. قطع الاستعاذة عن البسملة عن بداية الآية كلٌ بنفس مستقل.
  2. قطع الاستعاذة بنفس ثم وصل البسملة ببداية الآية بنفس واحد.
  3. وصـل الاستعاذة بالبسملة بنفس واحد وقطعهما عن بداية الآية.
  4. وصـل الاستعاذة بالبسملة ببداية الآية بنفس واحد.

2- مع الإتيان بالاستعاذة دون البسملة

  1. قطع الاستعاذة عن بداية الآية بدون بسملة كلٌ بنفس مستقل.
  2. وصـل الاستعاذة ببداية الآية بدون بسملة بنفس واحد.

3- مع الإتيان بالبسملة دون استعاذة

  1. قطع البسملة عن بداية الآية كلٌ بنفس مستقل.
  2. وصـل البسملة ببداية الآية بنفس واحد.

4- بدون الإتيان بالاستعاذة ولا البسملة

  1. بداية الآية بدون استعاذة ولا بسملة.

 قال بن الجزري في طيبة النشر في القراءات العشر:

وَفِي اْبتِدَا السُّورَةِ كُلٌّ بَسْمَلاَ … سِوَى بَرَاءَةٍ فَلاَ وَلَوْ وُصِلْ

وَوَسَــطًا خَيِّرْ وَفِيهَا يَحْتَمِلْ

تنبيهات:

  • الأوجه الجائزة عند الابتداء من وسط السورة لمن عنده الاستعاذة واجبة هي فقط التي:
  1. مع الإتيان بالاستعاذة والبسملة.
  2. مع الإتيان بالاستعاذة دون البسملة.
  • الأوجه الجائزة عند الابتداء من وسط سورة التوبة لمن عنده الاستعاذة واجبة ومنع البسملة هي فقط التي:
  1. مع الإتيان بالاستعاذة دون البسملة.
  • الأوجه الجائزة عند الابتداء من وسط سورة التوبة لمن عنده الاستعاذة مستحبة ومنع البسملة هي فقط التي:
  1. مع الإتيان بالاستعاذة دون البسملة.
  2. بدون الإتيان بالاستعاذة ولا البسملة.

الجمع بين السورتين

1- أوجه وصل أي سورة بسورة أخرى تأتي بعدها في ترتيب المصحف باستثناء سورة التوبة

  1. قطع آخر السورة عن البسملة عن أول السورة الثانية كلٌ بنفس مستقل.
  2. قطع آخر السورة عن البسملة بنفس ثم وصل البسملة بأول السورة الثانية بنفس واحد.
  3. وصل آخر السورة بالبسملة بأول السورة الثانية بنفس واحد.

قال عثمان مراد في السلسبيل الشافي:

وَجائِــــزٌ مِنْ هَــــذِهِ بَيْـــــــنَ السُّوَرْ … ثَلاثَــــــةٌ وواحِــــــــدٌ لم يُعْتَبَــــــرْ

فاقطَــــعْ عَلَيْهِما وَصِـــــــلْ ثانيهِما … وصِلْهُمـــــا ولا تَصِـــــلْ أُولاهُمـا

وبَيْــــنَ أَنْفـــــــالٍ وتوْبـــــــَةٍ أتَـــي … وَصْــــلٌ وَسَكْــــتٌ ثُمَّ وَقْفٌ يا فتَي

تنبيهات:

  • لا تكون استعاذة بين السورتين.
  • البسملة واجبة في بداية السور باستثناء سورة التوبة.
  • حفص هو ممن قرأ بإثبات البسملة بين السورتين عدا التوبة.
  • الوجه الممتنع هو وصل آخر السورة بالبسملة بنفس واحد ثم قطع أول السورة الثانية بنفس مستقل وذلك لأنه يوهم السامع أن البسملة هي جزء من السورة المنقضية.

2- أوجه وصل أي سورة بنفسها أو سورة أخرى تأتي قبلها في ترتيب المصحف باستثناء سورة التوبة

  1. ليس للقارئ إلا قطع نهاية السورة الأولى عن البسملة عن أول السورة الثانية كلٌ بنفس مستقل.

3- أوجه وصل أي سورة قبل سورة التوبة في ترتيب المصحف بسورة التوبة

  1. وصلهما دون بسملة.
  2. القطع بينهما بتنفس.
  3. السكـت بينهما بمقدار حركتين دون تنفـس.

  قال السَّمنَّودي في لآلئ البيان:

وَبَيْــــنَ (أَنْفَالٍ) وَبَيْــــنَ (التَّوبَةِ) … قِفْ وَاسْكُتـنَ وَصـلْ بِلَا بسْمَلَـــــةِ

وقال مراد في السلسبيل الشافي:

وبَيْــــنَ أَنْفـــالٍ وتوْبــــَةٍ أتَـــي … وَصْــلٌ وَسَكْــتٌ ثُمَّ وَقْفٌ يا فتَي

4- أوجه وصل سورة التوبة بنفسها أو بسورة أخرى تأتي بعدها في ترتيب المصحف

  1. ليس للقارئ إلا القطع بينهما دون بسملة.