النون الساكنة والتنوين

النون الساكنة

النون الساكنة هي نون لا حركة لها، تكون أصلية في بنية الكلمة نحو: ﴿أَنۡعَمۡتَ﴾ [الفاتحة: 7] أو زائدة عن بنية الكلمة نحو: ﴿فَٱنفَلَق﴾ [الشعراء: 63]، تأتي في الأسماء نحو: ﴿ٱلۡأَنۢبَآءُ﴾ [القصص: 66] والأفعال نحو: ﴿تُنۡهَوۡنَ﴾ [النساء: 31] والحروف نحو: ﴿مِّنۡ﴾ [البقرة: 49]، تكون متوسطة نحو: ﴿وَيَنۡهَوۡنَ﴾ [آل عمران: 104] أو متطرفة نحو: ﴿مِنۡ غَيۡر﴾ [طه: 22]، تثبت في اللفظ والخط عند الوصل والوقف.

التنوين

التنوين هو نون زائدة عن أصل الكلمة لا حركة لها، غير مثبت في بناء الكلمة، لا يأتي إلا في الأسماء، ولا يكون إلا متطرف نحو: ﴿تَذۡكِرَةٗ﴾ [طه: 3]، يثبت في اللفظ دون الخط وفي الوصل دون الوقف، علامته فتحتان أو كسرتان أو ضمتان (الأولى للإعراب والثانية للتنوين).

الفرق بين النون الساكنة والتنوين

النون الساكنة التنوين
نون أصلية أو زائدة. نون زائدة.
مثبتة في بناء الكلمة. غير مثبت في بناء الكلمة.
تكون متوسطة أو متطرفة. يكون متطرفاً فقط.
تكون في الأسماء والأفعال والحروف. يكون في الأسماء فقط.
تثبت في اللفظ والخط. يثبت في اللفظ دون الخط.
تثبت عند الوصل والوقف. يثبت في الوصل دون الوقف.
حرف من الحروف الأبجدية ليس بحرف من الحروف الأبجدية

 

قال عثمان مراد في السلسبيل الشافي:

اعلَــــم بِأَنَّ النُّـــــــونَ والتَّنوينـــــا

قَــــــدْ عرَّفوهُمــــــا بأَنَّ النُّــــــــونا

ساكِنَــــةٌ أَصْليَّـــــةٌ تَثْبُـــــتُ فـــــي

لَفْظٍ وَوَصْــــلٌ ثُمَّ خَــــطٍ مَوْقِــــفِ

وَهْيَ تَكُونُ في اسمٍ او فِعْلٍ وفـــي

حَـــرْفٍ وفي وَسْـــــطٍ تُرَي وَطَـــرَفِ

ولَكِــــنِ التَّنْويـــــنُ نــــونٌ ساكِنَةْ

زائــــدةٌ في آخــــــرِ اســـــــمٍ كائِنَةْ

تَثْبُـــت في اللَّفظِ وفي الوَصْــلِ ولاَ

تَثْبُتُ فــــي الخطِّ وفي الوَقْفِ كِلاَ

تنبيهات:

  • يوقف على تنوين الفتح بإبدال التنوين ألفًا باستثناء هاء التأنيث (التاء المربوطة) فيوقف عليها بالهاء من غير تنوين.
  • يوقف على تنوين الضم والكسر بالسكون.
  • رسم التنوين على صورة نون ساكنة ويعامل معاملته في كلمة (كأين) حيث جاءت نحو: ﴿وَكَأَيِّن﴾ [آل عمران: 146].
  • رسمت النون الساكنة في الكلمات التالية على صورة تنوين وتعامل معاملته:
    1. (وليكونن) جاءت في قول تعالى: ﴿وَلَيَكُونٗا﴾ [يوسف: 32].
    2. (لنسفعن) جاءت في قول تعالى: ﴿لَنَسۡفَعَۢا﴾ [العلق: 15].
    3. (إذن) رسمت حيث جاءت نحو: ﴿إِذٗا﴾ [البقرة: 145].

قال الطيبي في المفيد في التجويد:

هَذَا وَهُـــمْ قَدْ صَّورُوا التَّنوْينَ- فِي

لَفْظٍ بنِونٍ رُسمَتْ فِي الْمصْحَفِ

وْهَــــو: كَأِّيــــنْ، وَبنِــونٍ يُوقَـــــفُ

عَلَيْـــــهِ لِلَّرسْمِ، وَبَعْـضٌ يحْذِفُ

وَالنُّــــونُ للِتَّوْكيِـــد مِـــــنْ: يَكُونَا

وَنَسْفَعًا قَـــــدْ صِّـــــورَتْ تَنوْينَا

أَيْ أَلفِــــا كَمَــــا تَصِيــــــــــرُ وَقْفَا

وَهَكــــــذَا: إذِا، وَأَعْنِـــــي الْحَرْفا

أحكام النون الساكنة والتنوين

للنون الساكنة والتنوين الأربع أحكام التالية:

  1. الإظهار الحلقي.
  2. الإدغام.
  3. الاقلاب.
  4. الإخفاء الحقيقي.

قال ابن الجزري في الجزرية:

وَحُـكْـــمُ تَنْـوِيْـــنٍ وَنُـــونٍ يُـلْـفَـــى

إِظْـهَــارٌ ادْغَـــامٌ وَقَـلْـــبٌ اخْـفَـا

1. الإظهار الحلقي

الإظهار لغةً: الوضوح، والإظهار الحلقي اصطلاحًا: إخراج الحرف من مخرجه من غير غنة ظاهرة فيه، وهو هنا إظهار النون الساكنة أو نون التنوين بغنة ناقصة.

سبب تسميته: سُمي بالإظهار لوجوب إظهار النون الساكنة من مخرجها، وسُمي حلقي لأن جميع حروفه تخرج من الحلق.

قال ابن الجزري في الجزرية:

فَعِنْـدَ حَـرْفِ الحَلْـقِ أَظْهِـرْ

حروفه: مجموعة في أوائل عبارة: (أخي هاك علمًا حازه غير خاسر).

قال عثمان مراد في السلسبيل الشافي:

أَظْهِرْهُمـا مِـن قَبـــْلِ هَمْـزٍ هاءِ

عَيْــــــنٍ وحــاءٍ ثُمَّ غَيْــنٍ خَــاءِ

وقال الجمزوري في تحفة الأطفال:

فَالأَوَّلُ الإظْهَـــــارُ قَبْلَ أَحْرُفِ

لِلْحَلْـقِ سِتٍّ رُتِّبَتْ فَلتَعْرِفِ

هَمْـــزٌ فَـهَـــاءٌ ثُــــمَّ عَيْـــنٌ

حَـاءُ مُـهْمَلَتَانِ ثُمَّ غَيْنٌ خَاءُ

ضابطه:

  1. في النون: أن يأتي بعد النون الساكنة حرف متحرك من أحد حروف الإظهار في كلمة أو كلمتين.
  2. في التنوين: أن يأتي بعد نون التنوين حرف متحرك من أحد حروف الإظهار في كلمتين.

سببه: بعد مخرج النون الساكنة عن مخارج حروف الإظهار، ويسمى بالتباعد الصغير لأن النون ساكنة وحروف الإظهار متحركاً.

مراتب الإظهار: للإظهار مراتب بحسب بعد حرف الإظهار عن مخرج النون:

  1. أعلاها عند الهمزة والهاء لأنهما من أقصى الحلق.
  2. أوسطها عند العين والحاء لأنهما من وسط الحلق.
  3. أدناها عند الغين والخاء لأنهما من أدنى الحلق.

حكمه: إظهار النون الساكنة بغنة ناقصة، وذلك لأن الغنة هي صفة مصاحبة لحرف النون.

علامته:

  1. في النون: رأس خاء صغيرة (علامة السكون) فوق النون نحو: ﴿مِنۡ غَيۡرِ﴾ [طه: 22].
  2. في التنوين: حركتان مركبتان فوق الحرف المُنون نحو: ﴿عَلِيمًا حَكِيمٗا﴾ [النساء: 11]، ﴿عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [البقرة: 7]، ﴿جُرُفٍ هَارٖ﴾ [التوبة: 109].

أمثلته:

  1. الهمزة: ﴿وَيَنۡ‍َٔوۡنَ﴾ [الأنعام: 26]، ﴿ٱسۡكُنۡ أَنتَ﴾ [البقرة: 35]، ﴿عَذَابٌ أَلِيمُۢ﴾ [البقرة: 10].
  2. الهاء: ﴿عَنۡهَا﴾ [البقرة: 36]، ﴿وَإِنۡ هُمۡ﴾ [البقرة: 78]، ﴿جُرُفٍ هَارٖ﴾ [التوبة: 109].
  3. العين: ﴿أَنۡعَمۡتَ﴾ [الفاتحة: 7]، ﴿مِنۡ عِندِ﴾ [البقرة: 79]، ﴿سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ﴾ [البقرة: 6].
  4. الحاء: ﴿يَنۡحِتُونَ﴾ [الحجر: 82]، ﴿لَّدُنۡ حَكِيمٍ﴾ [هود: 1]، ﴿عَلِيمٌ حَلِيمٞ﴾ [النساء: 12].
  5. الغين: ﴿فَسَيُنۡغِضُونَ﴾ [الإسراء: 51]، ﴿مِنۡ غَيۡرِكُمۡ﴾ [المائدة: 106]، ﴿وَرَبٌّ غَفُورٞ﴾ [سبأ: 15].
  6. الخاء: ﴿وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ﴾ [المائدة: 3]، ﴿مِنۡ خَشۡيَةِ﴾ [البقرة: 74]، ﴿يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ﴾ [الفرقان: 24].

2. الإدغام

الإدغام لغةً: إدخال الشيء في الشيء، واصطلاحًا: إدخال حرف ساكن في حرف متحرك بحيث يصيران حرفًا واحدًا مشددًا من جنس الثاني، وهو هنا إدخال النون الساكنة أو التنوين في أحد أحرف الإدغام وتشديد حرف الإدغام.

سبب تسميته: سُمي بالإدغام لدخول النون الساكنة في أحد حروف الإدغام فأصبحا حرفاً واحداً مشدداً.

حروفه: مجموعة في كلمة: (يرملون).

قال سليمان الجمزوري في تحفة الأطفال:

وَالثَّـــــــانِ إِدْغَامٌ بِستَّــةٍ أَتَتْ

فِيْ يَرْمَلُونَ عِنْدَهُمْ قَدْ ثَبَتَــــتْ

ضوابطه:

  1. في كلمة: أن يأتي بعد النون الساكنة أحد حروف الإدغام في أحد أحرف فواتح السور المجموعة في عبارة (نقص عسلكم) نحو: ﴿طسٓمٓ﴾ [الشعراء: 1] والتي تُقرأ: (طا سين ميم)، فالنون الساكنة هي آخر حرف من (سين) والميم المتحركة هي أول حرف من (ميم) والميم هي من حروف الإدغام.
  2. في كلمتين: أن يأتي بعد النون الساكنة أو التنوين حرف متحرك من أحد حروف الإدغام في كلمتين نحو: ﴿وَمَن نُّعَمِّرۡهُ﴾ [يس: 68]، وذلك بأن تكون النون الساكنة أو التنوين في آخر الكلمة الأولى وأحد حروف الإدغام أول الكلمة الثانية.

سببه: سبب الإدغام في النون هو التماثل، وفي حروف الإدغام هو تقارب المخرج و/أو الصفات.

حكمه: إدغام النون الساكنة أو التنوين في أحد حروف الإدغام المتحركة.

الاستثناءات:

  • إذا وقع أحد أحرف الإدغام بعد النون الساكنة في كلمة واحدة وجب إظهار النون الساكنة ويسمى الإظهار إظهار مطلق ولقد وقـع هذا في القرءان الكريم في أربـع كلمات فقط وهي:
    1. ﴿ٱلدُّنۡيَا﴾ [البقرة: 85].
    2. ﴿بُنۡيَٰنٞ﴾ [الصف: 4].
    3. ﴿صِنۡوَانٖ﴾ [الرعد: 4].
    4. ﴿قِنۡوَانٞ﴾ [الأنعام: 99].

      قال ابن الجزري في الجزرية:

      وَأَدْغِـمَنْ بِغُـنَّـةٍ فِـي يُـومِنُ إِلاَّ بِكِـلْـمَةٍ كَدُنْيَا عَـنْـوَنُــوا

      وقال عثمان مراد في السلسبيل الشافي:

      وَأدْغِمَنْهُمــــــا بِغَيْــــــرِ غُنَّـــةْ

      فـي اللامِ والرَّا وبِـ ينمو غُنَّــةْ

      ما لَمْ يكُنْ في كِلْمَـةٍ قَدْ ذَكِرَا

      كَنَحْـوَ صِنْــوانٍ وَدُنْيا أَظهِـــرا

  • يستثنى من الإدغام المواضع التالية فحكمها الإظهار مراعةً للرواية عن حفص من طريق الشاطبية، ويُسمى الإظهار إظهار رواية:
    1. ﴿نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ﴾ [القلم: 1].
    2. ﴿يسٓ وَٱلۡقُرۡءَانِ﴾ [يس: 1].
    3. ﴿مَنۡۜ رَاقٖ﴾ [القيامة: 27] لأنها من السكتات الواجبة عند حفص من طريق الشاطبية.

      قال السَّمنَّودي في لآلئ البيان:

      وَ(نَ) مَعْ (يَسَ) باْلِإظْهَارِ حَلْ

تنبيه: قال البعض أن سبب الإظهار هو المحافظة على مدلول الكلمة ومعناها إلا أن سببه الحقيقي هو الرواية.

 أقسامه من حيث الغنة:

  1. إدغام بدون غنة: حروفه هي اللام والراء (تُركت الغنة للتخفيف).

    قال بن الجزري في المقدمة الجزرية:

    وَادَّغِـــمْ فِــي الـلاَّمِ وَالـــرَّا لاَ بِغُـنَّـةٍ لَـــزِمْ

  2. إدغام بغنة: حروفه هي مجموعة في كلمة: (يومن).

    قال بن الجزري في المقدمة الجزرية:

    وَأَدْغِـمَــنْ بِغُـنَّـــــةٍ فِــــي يُـومِـــنُ

 أقسامه من حيث كمال الإدغام:

  1. إدغام ناقص:
    • حروفه: هي الواو والياء.
    • علامته في:
      • النون: تعرية النون الساكنة من السكون وتعرية الحرف الثاني من التشديد نحو: ﴿مَن يَقُولُ﴾ [البقرة: 8].
      • التنوين: حركتان متتابعتان غير متطابقتين وتعرية الحرف الثاني من التشديد بالرغم من أنه مشدد نحو: ﴿وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ﴾ [النساء: 1]، ﴿قَوۡمٞ يَفۡرَقُونَ﴾ [التوبة: 56]، ﴿وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ﴾ [النساء: 1].
  2. إدغام كامل:
    • حروفه: هي النون والميم (بخلاف) واللام والراء.
    • علامته في:
      • النون: تعرية النون الساكنة من السكون وتشديد الحرف الثاني نحو: ﴿وَمَن نُّعَمِّرۡهُ﴾ [يس: 68].
      • التنوين: حركتان متتابعتان غير متطابقتين وتشديد الحرف الثاني نحو: ﴿مَالٗا لُّبَدًا﴾ [البلد: 6]، ﴿قَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞ﴾ [البقرة: 263]، ﴿ظُلُمَٰتٖ لَّا﴾ [البقرة: 17].

تنبيه: اختلف العلماء في كمال إدغام النون والميم بسبب الغنة، فمن قال أن الغنة هي غنة النون الساكنة جعل الإدغام ناقصاً حيث أن النون الساكنة لم تذهب بالكلية فقد بقيت صفتها (الغنة)، أما من قال أن الغنة هي غنة النون أو الميم المدغم فيها جعل الإدغام كاملاً حيث أن النون الساكنة ذهبت بالكلية، وهذا هو القول الراجح وعليه ضبطت المصاحف.

أمثلته:

  1. الياء: ﴿مَن يَقُولُ﴾ [البقرة: 8]، ﴿سُوٓءٗا يُجۡزَ﴾ [النساء: 123].
  2. الراء: ﴿مِّن رَّبِّهِمۡۖ﴾ [البقرة: 5]، ﴿غَفُورٞ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: 173].
  3. الميم:  ﴿طسٓمٓ﴾ [الشعراء: 1]، ﴿مِّن مِّثۡلِهِۦ﴾ [البقرة: 23]، ﴿هُدٗى مِّن﴾ [البقرة: 5].
  4. اللام: ﴿وَلَٰكِن لَّا﴾ [البقرة: 12]، ﴿هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 2].
  5. الواو: ﴿مِن وَلِيّٖ﴾ [البقرة: 106]، ﴿ظُلُمَٰتٞ وَرَعۡدٞ﴾ [البقرة: 19].
  6. النون: ﴿عَن نَّفۡسٖ﴾ [البقرة: 48]، ﴿حِطَّةٞ نَّغۡفِرۡ﴾ [البقرة: 58].

قال الجمزوري في تحفة الأطفال:

وَالثَّـــــــانِ إِدْغَامٌ بِستَّــةٍ أَتَتْ

فِيْ يَرْمَلُونَ عِنْدَهُمْ قَدْ ثَبَتَــــتْ

لَكِنَّهَا قِسْمَــانِ قِسْــمٌ يُدْغَمَا

فِيهِ بِغُنّــــــــــــــــةٍ بِـيَنْمُو عُلِمَا

إِلاَّ إِذَا كَانَا بِكِلْمَةٍ فَلاَ تُدْغِــمْ

كَـدُنْيَاْ ثُــمَّ صِنْوَانٍ تَـــــــــــــــلاَ

وَالثَّــان إِدْغَـــــامٌ بِغَيْــرِ غُنَّـهْ

فِيْ الَّلامِ وَالـــــرَّا ثُمَّ كَرِّرَنْـــــــهْ

3. الاقلاب (القلب)

الإقلاب لغةً: تحويل الشيء عن وجهه، واصطلاحًا: تحويل النون الساكنة أو التنوين إذا جاء بعدهما باء متحركة في كلمة أو كلمتين إلى ميم ساكنة مخفاة بغنة كاملة.

قال الجمزوري في تحفته:

وَّالثَالثُ الإِقْلاَبُ عِنْدَ الْبَاءِ مِيماً بِغُنَةٍ مَعَ الإِخْفَاءِ

سبب تسميته: قلب النون الساكنة أو التنوين إلى ميم ساكنة.

حروفه: حرف الباء فقط.

قال ابن الجزري في الجزرية:

وَالقَلْـــبُ عِـنْـــدَ الـبَـا بِغُـنَّـــةٍ كَـــذَا

وقال عثمان مراد في السلسبيل الشافي:

واقْلِبْهُمــــا مِيمـــــاً قُبَيْــــلَ البــــاءِ

ضابطه: أن يأتي بعد النون الساكنة أو التنوين باءٌ متحركة في كلمة أو كلمتين.

سببه: أن النون الساكنة والتنوين عند ملاقاتهما لحرف الباء يتعذر الإظهار والإدغام لثقل في النطق، فقلبت النون ميماً لسهولة النطق بالميم التي بعدها باء لاسيما أن الميم عامل مشترك بين النون والباء، فهي تشترك مع النون في الصفات، ومع الباء في المخرج.

حكمه: قلب النون الساكنة أو نون التنوين ميم ساكنة، ثم إخفاء الميم الساكنة عند حرف الباء بغنة كاملة.

تحقيق الإقلاب:

  1. قلب النون الساكنة أو التنوين ميمًا خالصة لفظًا لا خطًّا.
  2. إخفاء هذه الميم عند الباء.
  3. إظهار الغنة مع الإخفاء (انظر إلى تحقيق الإخفاء الشفوي).

تنبيه: ينتج دومًا عن الاقلاب إخفاءً شفوياً بغنة كاملة.

علامته في:

  • النون:
    تعرية النون الساكنة من السكون ووضع ميم صغيرة فوقها نحو: ﴿أَنۢبِ‍ُٔونِي﴾ [البقرة: 31].
  • التنوين: إبدال إحدى الحركتين بميم صغيرة نحو: ﴿بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ﴾ [البقرة: 213]، ﴿مُحِيطُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 19]، ﴿كَافِرِۢ بِهِۦۖ﴾ [البقرة: 41].

أمثلته:

  • النون في كلمة نحو: ﴿أَنۢبَأَهُم﴾ [البقرة: 33]، ﴿تُنۢبِتُ﴾ [البقرة: 61]، ﴿أَنۢبِيَآءَ﴾ [البقرة: 91].
  • النون في كلمتين نحو: ﴿مِنۢ بَعۡدِ﴾ [البقرة: 27]، ﴿مِنۢ بَقۡلِهَا﴾ [البقرة: 61]، ﴿فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ﴾ [البقرة: 181].
  • التنوين ولا يأتي إلا في كلمتين نحو: ﴿طَيۡرَۢا بِإِذۡنِ﴾ [آل عمران: 49]، ﴿عَوَانُۢ بَيۡنَ﴾ [البقرة: 68]، ﴿ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖۖ﴾ [البقرة: 99].

4. الإخفاء الحقيقي

الإخفاء لغةً: الستر، والإخفاء الحقيقي اصطلاحًا: النطق بالحرف بصفة بين الإظهار والإدغام عارٍ عن التشديد، وهو هنا إخفاء النون الساكنة أو نون التنوين عند أحد أحرف الإخفاء بغنة كاملة.

قال سليمان الجمزوري في تحفة الأطفال:

وَالـــرَّابِعُ الإِخْفَــــــاءُ عِنْـــدَ الْفاضِـلِ

مِنَ الحُـــــرُوفِ وَاجِـبٌ لِلْفَاضِـلِ

سبب تسميته: سُمي بالإخفاء لنطق النون الساكنة أو نون التنوين بصفة بين الإظهار والإدغام، وسُمي حقيقيًا لتحقق الإخفاء عند حروفه.

تنبيه: المقصود بنطق الحرف بصفة بين الإظـهار والإدغـام هو أننا نخفي ذات النون عند حرف الإخفاء ونبقي صفة الغنة المصاحبة للنون تخرج من الخيشوم، فلو أننا وضعنا اللسان على مخرج النون لكانت النون مظهرة، ولو نقلناه مباشرة إلى الحرف الثاني لكانت النون مدغمة.

حروفه: مجموعة في أوائل بيت الشعر: (صف ذا ثنا، كم جاد شخص قد سما، دم طيبًا، زد في تقى، ضع ظالمًا).

قال الخاقاني في رائيته:

وَأَخْـفِ قَبْــــلَ فاضِــــلِ الهِجـــاءِ

صِفْ ذَا ثَنا كَمْ جادَ شَخْصٌ قَدْ سَما

دُمْ طَيِّباً زِدْ فـي تُقًـي ضَعْ ظالِمًا

ضوابطه:

  • في كلمة:
    • أن يأتي بعد النون الساكنة أحد حروف الاخفاء في أحد أحرف فواتح السور المجموعة في عبارة (نقص عسلكم) نحو: ﴿عٓسٓقٓ﴾ [الشورى: 2] والتي تُقرأ: (عين سين قاف)، فالنون الساكنة هي آخر حرف من (عين) والسين المتحركة هي أول حرف من (سين) والسين هي من حروف الاخفاء.
    • أن يأتي بعد النون الساكنة حرف متحرك من أحد حروف الاخفاء في نفس الكلمة نحو: ﴿يُنصَرُونَ﴾ [البقرة: 48].
  • في كلمتين: أن يأتي بعد النون الساكنة أو التنوين حرف متحرك من أحد حروف الاخفاء في كلمتين نحو: ﴿وَإِن كُنتُمۡ﴾ [البقرة: 23]، ﴿جَمِيعٗا ثُمَّ﴾ [البقرة: 29]، وذلك بأن تكون النون الساكنة أو التنوين في آخر الكلمة الأولى وأحد حروف الاخفاء أول الكلمة الثانية.

سببه: تقارب النون مع حروف الإخفاء في المخرج والصفات أو في المخرج دون الصفات أو الصفات دون المخرج.

مراتب الاخفاء: مراتب الاخفاء بحسب بعد مخرج حرف الإخفاء عن مخرج النون:

  1. أعلاها عند الطاء والدال والتاء لقرب المخرج من مخرج النون.
  2. أدناها عند القاف والكاف لبعد المخرج عن مخرج النون.
  3. أوسطها عند باقي أحرف الإخفاء لعدم قرب مخارجها من مخرج النون، وعدم بعدها عنه.

حكمه: إخفاء النون الساكنة أو نون التنوين عند أحد حروف الإخفاء التي تليها بغنة كاملة.

الاستثناءات: ﴿عِوَجَاۜ 1 قَيِّمًا﴾ [الكهف: 1] وذلك لأنها سكتة واجبة عند حفص من طريق الشاطبية، فتقرأ (عوجا) بالألف بدلاً من التنوين وذلك من قبيل مد العوض ثم (قيما) بعد قطع الصوت فترة وجيزة بينهما دون تنفس.

تحقيق الإخفاء: يحقق الإخفاء بالخطوات التالية:

  1. تهيئة اللسان عند مخرج الحرف المخفى عنده (الحرف الثاني) بترك فجوة صغيرة.
  2. إحداث غنة كاملة من الخيشوم؛ تكون الغنة مفخمة مع حروف الاستعلاء ومرققة مع حروف الاستفال.
  3. مصاحبة الغنة بصويت بسيط يخرج من الفم لعدم انغلاق المخرج بشكل كامل بسبب الفجوة الصغيرة؛ ويستثنى من هذا حرفي القاف والكاف لانغلاق المخرج بشكل كامل نتيجة بعد مخرجهما عن النون واتصافهما بصفة الشدة.

علامته في:

  • النون: تعرية النون الساكنة من السكون وعدم تشديد حرف الإخفاء نحو: ﴿مَن ذَا﴾ [البقرة: 255].
  • التنوين: حركتان متتابعتان غير متطابقتين وعدم تشديد حرف الإخفاء نحو: ﴿قَوۡلٗا سَدِيدًا﴾ [النساء: 9]، ﴿قِنۡوَانٞ دَانِيَةٞ﴾ [الأنعام: 99]، ﴿بَأۡسٖ شَدِيدٖ﴾ [الإسراء: 5].

أمثلته:

  1. الصاد: ﴿كٓهيعٓصٓ﴾ [مريم: 1]، ﴿يُنصَرُونَ﴾ [البقرة: 48]، ﴿أَن صَدُّوكُمۡ﴾ [المائدة: 2]، ﴿بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ﴾ [البقرة: 69].
  2. الذال: ﴿ءَأَنذَرۡتَهُمۡ﴾ [البقرة: 6]، ﴿مَن ذَا﴾ [البقرة: 255]، ﴿سِرَاعٗاۚ ذَٰلِكَ﴾ [ق: 44].
  3. الثاء: ﴿مَّنثُورًا﴾ [الفرقان: 23]، ﴿مِن ثَمَرَةٖ﴾ [البقرة: 25]، ﴿جَمِيعٗا ثُمَّ﴾ [البقرة: 29].
  4. الكاف: ﴿مِنكُمۡ﴾ [البقرة: 65]، ﴿وَإِن كُنتُمۡ﴾ [البقرة: 23]، ﴿فَفَرِيقٗا كَذَّبۡتُمۡ﴾ [البقرة: 87].
  5. الجيم: ﴿فَأَنجَيۡنَٰكُمۡ﴾ [البقرة: 50]، ﴿فَمَن جَآءَهُۥۡ﴾ [البقرة: 275]، ﴿فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ﴾ [يوسف: 18].
  6. الشين: ﴿مَنشُورًا﴾ [الإسراء: 13]، ﴿إِن شَآءَ﴾ [البقرة: 70]، ﴿بَأۡسٖ شَدِيدٖ﴾ [الإسراء: 5].
  7. القاف: ﴿عٓسٓقٓ﴾ [الشورى: 2]، ﴿فَأَنقَذَكُم﴾ [آل عمران: 103]، ﴿مِن قَبۡلِكَ﴾ [البقرة: 4]، ﴿شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [البقرة: 20].
  8. السين: ﴿عٓسٓقٓ﴾ [الشورى: 2]، ﴿وَتَنسَوۡنَ﴾ [البقرة: 44]، ﴿مَن سَفِهَ﴾ [البقرة: 130]، ﴿قَوۡلٗا سَدِيدًا﴾ [النساء: 9].
  9. الدال: ﴿عِندَ﴾ [البقرة: 54]، ﴿مِّن دُونِ﴾ [البقرة: 23]، ﴿قِنۡوَانٞ دَانِيَةٞ﴾ [الأنعام: 99].
  10. الطاء: ﴿يَنطِقُونَ﴾ [الأنبياء: 63]، ﴿مِن طَيِّبَٰتِ﴾ [البقرة: 57]، ﴿قَوۡمٗا طَٰغِينَ﴾ [الصافات: 30].
  11. الزاي: ﴿أُنزِلَ﴾ [البقرة: 4]، ﴿فَإِن زَلَلۡتُم﴾ [البقرة: 209]، ﴿يَوۡمَئِذٖ زُرۡقٗا﴾ [طه: 102].
  12. الفاء: ﴿يُنفِقُونَ﴾ [البقرة: 3]، ﴿مِن فَضۡلِهِۦ﴾ [البقرة: 90]، ﴿مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ﴾ [البقرة: 10].
  13. التاء: ﴿وَأَنتُمۡ﴾ [البقرة: 22]، ﴿وَلَن تَفۡعَلُواْ﴾ [البقرة: 24]، ﴿وَفَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ﴾ [البقرة: 87].
  14. الضاد: ﴿مَّنضُود﴾ [هود: 82]، ﴿مَّن ضَلَّ﴾ [المائدة: 105]، ﴿قَوۡمٗا ضَآلِّينَ﴾ [المؤمنون: 106].
  15. الظاء: ﴿تَنظُرُونَ﴾ [البقرة: 50]، ﴿مِن ظُهُورِهَا﴾ [البقرة: 189]، ﴿قَوۡمٖ ظَلَمُوٓاْ﴾ [آل عمران: 117].

الفرق بين الاخفاء والإدغام

  • أن الإخفاء لا تشديد معه مطلقًا بخلاف الإدغام ففيه تشديد.
  • أن إخفاء الحرف يكون عند غيره وأما إدغامه فيكون في غيره.
  • أن الإخفاء يأتي من كلمة ومن كلمتين، وأما الإدغام فلا يكون إلا من كلمتين.

ولقد جُمعت أحكام النون الساكنة والتنوين في الأبيات التالية:

قال السَّمنَّودي في لآلئ البيان:

عِنْـــدَ حُـــرُوفِ الْحلْـــقِ: أظْهِرَنْهُمَا

وَعِنْــــــدَ (يرْمُلُـــــوَن): أَدِغَــمنهُما

مِــنْ كِلَمَتيِــن مَعَ غَــــنِّ دُونَ (رَلْ)

وَ (نَ) مَعْ (يَسَ) باْلِإظْهَـــارِ حَـــــلْ

وَعِنْــــدَ بَــــاءٍ مِيمًـــــا: اْقلَبنهُمَـــــا

وَعِنْـــــدَ بَاقِيهِــــــــنَّ: أخِفَينهُمَــا

وقَـــــاربِ الإْظِهَـــــارَ عِنْـــــــدَ أَوَّلْي

(كْم قَّـر) وَالْإِدْغَامَ (دَوْمًا تِلْوُ طيْ)

وَوَسَـــــطٌ (صِـدٌق سَمَــــا زَاهٍ ثَنَــــا

ظَـل جَلِيـلًا ضـفْ شِريفًــــا ذَا فنَا)

 

وقال عثمان مراد في السلسبيل الشافي:

أَحْكَــــامُ تَنْويــــنٍ ونُــــونٍ أربَعـــــةْ

مِــــن قَبلِ أَحْـــــرُفِ الهِجَاءِ التَّابِعــةَ

أَظْهِرْهُمـا مِــــن قَبــــــْلِ هَمْـــزٍ هاءِ

عَيْــــــنٍ وحـــــاءٍ ثُمَّ غَيْـــــنٍ خَـــــاءِ

وَأدْغِمَنْهُمــــــا بِغَيْــــــــــرِ غُنَّــــــــةْ

فــــــي اللامِ والرَّا وبِـ ينمو غُنَّـــــةْ

ما لَمْ يكُـــــنْ في كِلْمَـــــةٍ قَدْ ذَكِرَا

كَنَحْــــوَ صِنْــــــوانٍ وَدُنْيا أَظهِــــرا

واقْلِبْهُمــــا مِيمـــــاً قُبَيْــــلَ البــــاءِ

وَأَخْـــفِ قَبْــــلَ فاضِــــلِ الهِجــــــاءِ

صِفْ ذَا ثَنا كَمْ جادَ شَخْصٌ قَدْ سَما

دُمْ طَيِّباً زِدْ فــــي تُقًـــي ضَعْ ظالِمًا