القرءان الكريم

القرءان الكريم

القرءان الكريم هو كلام الله عز وجل، المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، بواسطة جبريل عليه السلام، بلسان عربي مبين، المنقول إلينا بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المعجز بألفاظه، الموجود بين دفتي المصحف، المبدوء بأول سورة الفاتحة، المختوم بآخر سورة الناس.

القرءان الكريم

االقرءان الكريم هو كلام الله عز وجل، المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، بواسطة جبريل عليه السلام، بلسان عربي مبين، المنقول إلينا بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المعجز بألفاظه، الموجود بين دفتي المصحف، المبدوء بأول سورة الفاتحة، المختوم بآخر سورة الناس.

مراحل نزول القرءان الكريم

المرحلة الأولى

نزل القرءان الكريم جملة واحدة من الذات الإلهية إلى اللوح المحفوظ، ويستدل على ذلك بقوله تعالى: ﴿بَلۡ هُوَ قُرۡءَانٞ مَّجِيدٞ 21 فِي لَوۡحٖ مَّحۡفُوظِۢ﴾ [البروج: 21-22]، ولقد كان هذا التنزل بطريقة وفي وقت لا يعلمهما إلا الله تعالى ومن أطلعه على غيبه من خلقه.

المرحلة الثانية

نزل القرءان الكريم جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، فقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ﴾ [القدر: 1]، وقال عز وجل: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ﴾ [الدّخان: 3].

المرحلة الثالثة

نزل القرءان الكريم من السماء الدنيا على محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ 192 نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ 193 عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ﴾ [الشّعراء: 192-194]، ولقد كان هذا التنزل مفرقًا حسب الحوادث على مدار ثلاث وعشرين عامًا ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَقُرۡءَانٗا فَرَقۡنَٰهُ لِتَقۡرَأَهُۥ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكۡثٖ وَنَزَّلۡنَٰهُ تَنزِيلٗا﴾ [الإسراء: 106]؛ ولعل الحكمة من نزول القرءان منجمًا هي تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، وتحدي المشركين والرد عليهم، وتيسير حفظه وفهمه، والتدرّج في التشريع.

أحرف القرءان الكريم

حرف قريش

كان أول نزول القرءان الكريم على قلب النبي صلى الله عليه وسلم على حرف واحد بلسان قريش، واستمر تلقي النبي صلى الله عليه وسلم للقرءان عن جبريل عليه السلام على ذلك الحرف حتى هاجر إلى المدينة المنورة، ودخلت القبائل العربية في الإسلام.

الأحرف السبعة

ونظرًا لاختلاف القبائل العربية في اللهجات والأصوات وطرق الأداء، أنزل الله الرحيم بعباده القرءان الكريم على سبعة أحرف بطلب من نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وذلك للتيسير والتخفيف عليهم، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: {أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ علَى حَرْفٍ فَراجَعْتُهُ، فَلَمْ أزَلْ أسْتَزِيدُهُ ويَزِيدُنِي حتَّى انْتَهَى إلى سَبْعَةِ أحْرُفٍ} [البخاري: 4705].

أصبح النبي عليه الصلاة والسلام بعد ذلك يتلقى القرءان الكريم عن جبريل عليه السلام على الأحرف السبعة، ويقرئ الصحابة كل بالحرف الذي يرى أنه يناسب لهجته أو لهجة من يليه من العرب، ومن ثم أصبح كل صحابي يقرأ القرءان الكريم بالحرف الذي تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم دون اعتراض من أحدهم على الآخر وذلك بعد أن بين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم نزول القرءان الكريم على سبعة أحرف.

يدل على ذلك ما رواه عمر بن الخطاب: {سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ علَى غيرِ ما أَقْرَؤُهَا، وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَقْرَأَنِيهَا، فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عليه، ثُمَّ أَمْهلْتُهُ حتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ برِدَائِهِ، فَجِئْتُ به رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي سَمِعْتُ هذا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ علَى غيرِ ما أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ، فَقَرَأَ القِرَاءَةَ الَّتي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قالَ لِي: اقْرَأْ، فَقَرَأْتُ، فَقالَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إنَّ هذا القُرْآنَ أُنْزِلَ علَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا ما تَيَسَّرَ منه.} [البخاري: 2287].

معنى الأحرف السبعة

تباينت آراء العلماء في المراد من الأحرف السبعة أوصلها السيوطي في الإتقان إلى أربعين قولاً، وذلك لأنه لم يأت في معنى الأحرف السبعة نص ولا أثر. والقول الذي رجحه جمع كبير من العلماء منهم الإمام ابن الجزري هو أن الأحرف السبعة: هي وجوه التغاير السبعة، التي يقع فيها الخلاف وهو اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تناقض وتضاد، مندرجة ضمن اللغات واللهجات الأصلية الفصحى التي تكلمت بها قبائل العرب السابقة قد بينها العلماء فيما يلي:

  1. اختلاف الأسماء من إفراد، وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث نحو قوله تعالى:{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ}[المعارج: 32] قرأها ابن كثير بالإفراد (لِأَمَانَتِهِم).
  2. اختلاف تصريف الأفعال، من ماض ومضارع وأمر نحو قوله تعالى:{فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا}[سبأ: 19] قرأها ابن كثير وأبو عمرو وهشام (ربُّنا بَعِّدْ).
  3. اختلاف وجوه الإعراب نحو قوله تعالى:{الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ١ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ}[إبراهيم: 1-2] قَرأ عامة أهل العراق والكوفة والبصرة بخفض لفظ الجلالة (اللهِ)، وقَرأ عامة أهل المدينة والشأم بالرفع (اللهُ) على الابتداء.
  4. الاختلاف بالنقص والزيادة نحو قوله تعالى:{وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ}[التوبة: 100] قرأها ابن كثير (تجري من تحتها) بزيادة (من).
  5. الاختلاف بالتقديم والتأخير نحو قوله تعالى:{إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ}[التوبة: 111] قرأها حمزة ومن وافقه (فَيُقْتَلُون وَيَقْتُلُون).
  6. الاختلاف بالقلب والإبدال نحو قوله تعالى:{وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَيۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمٗاۚ} [البقرة: 259] قرأها نافع وبن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب (نُنْشِرُهَا) بالراء بدل الزاي.
  7. اختلاف اللغات (اللهجات) كالفتح والإمالة، والترقيق والتفخيم، والإظهار والإدغام نحو قوله تعالى:{وَهَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ}[طه: 9] قُرئ لفظ (أتى) ولفظ (موسى) بالفتح والإمالة.

الحكمة من الأحرف السبعة

لعل الحكمة من نزول القرءان الكريم على سبعة أحرف هي التيسير على المسلمين، ورفع الحرج عنهم، وبيان إعجاز القرءان للفطرة اللغوية عند العرب، وإظهار فضل هذه الأمة على غيرها من الأمم، وإعجاز القرءان في معانيه وأحكامه.

قال ابن الجزري: وأما سبب وروده على سبعة أحرف فللتخفيف على هذه الأمة وإرادة اليسر بها والتهوين عليها شرفا لها وتوسعة ورحمة وخصوصية لفضلها وإجابة لقصد نبيها أفضل الخلق وحبيب الحق.

تنبيهات:

  • الأحرف السبعة هي تنزيل من رب العزة عز وجل، وليس فيه لرسولنا صلى الله عليه وسلم إلا البلاغ المبين، وقد أدى عليه الصلاة والسلام الأمانة، وبلّغ الرسالة.
  • نزل جبريل بالأحرف السبعة على رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم حرفاً حرفاً، وقد قرأ عليه الصلاة والسلام بها جميعاً وأقرأ الناس عليها فقرؤوا بها.
  • ليس المراد من الأحرف السبعة أن كل كلمة تقرأ على سبعة أوجه، بل أن وجوه الاختلاف لا تتجاوز سبعة أوجه.
  • لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة ليست قراءات القراء السبعة المشهورة.

القرءان المكي والمدني

اختلف العلماء في تعريف القرءان المكي والمدني فمنهم من اعتَدَ بزمن نزول القرءان الكريم، ومنهم من اعتَدَ بمكان نزول القرءان الكريم، ومنهم من اعتَدَ بالفئة المخاطبة، والقول الراجح هو ما يلي:

  • المكي: هو ما نزل من القرآن الكريم قبل الهجرة على مدار عشرة سنوات، سواء أكان مكان نزوله مكة أم ضواحيها.
  • المدني: هو ما نزل من القرآن الكريم بعد الهجرة النبويّة على مدار ثلاثة عشر سنة، سواء أكان مكان نزوله المدينة، أم مكة بعد فتحها، أم أيّ مكان في الجزيرة ذهب إليه النبي صلى الله عليه وسلم.

فوائد معرفة المكي والمدني

من فوائد معرفة المكي والمدني ما يلي:

  • معرفة أسباب النزول.
  • معرفة تاريخ وتدرج التشريع الإسلامي.
  • معرفة الناسخ والمنسوخ.
  • الاستفادة به في تفسير القرءان الكريم.
  • تتبع سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

خصائص المكي والمدني

خصائص المكي

  1. الخطاب فيه موجه لكل النّاس (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ) في الغالب.
  2. يتميّز بقصر آياته مع قوة الأسلوب.
  3. وضع الأسس العامّة للتشريع.
  4. اعتاد على الأسلوب القصصي.
  5. تمحور حول: الدعوة إلى عقيدة التوحيد، إثبات صدق الرسالة، بيان فضائل الأخلاق.

 

خصائص المدني

  1. يتميز بطول آياته، وسهولة ألفاظها، وهدوء الأسلوب فيها.
  2. تحدث عن التشريعات التفصيلية والأحكام العمليَّة في العبادات، والأحوال الشخصيّة، والمعاملات.
  3. بين قواعد التشريعات المتعلّقة بالجهاد وأحكامه، وفضح المنافقين وكشف مؤامراتهم.
  4. تمحور حول: بيان الفرائض، بيان الحقوق والواجبات المنظّمة لحياة النّاس، الجهاد ولأحكامه، تفاصيل لأحكام الحدود.

السور المكية والمدنية

اختلف العلماء في عدد السور المدنية، وقد نقل السيوطي عن ابن الحصار أن المدني عشرون سورة وهي: (البقرة، آل عمـران، النساء، المائدة، الأنفال، التوبة، النور، الأحزاب، محمد، الفتح، الحجرات، الحديد، المجادلة، الحشر، الممتحنة، الجمعة، المنافقون، الطلاق، التحريم، الإنسان، النصر)، والمختلف فيه اثنتا عشرة سورة وهي: (الفاتحة، الرعد، الرحمن، الصف، التغابن، المطففين، القدر، البينة، الزلزلة، الإخلاص، الفلق، الناس)، وما عدا السور المذكورة فهو مكي وعددها اثنتان وثمانون سورة.

والراجح أن السور المدنية عددها 28 سورة وهي: (البقرة، آل عمـران، النساء، المائدة، الانفال، التوبة، الرعد، الحج، النور، الاحزاب، محمد، الفتح، الحجرات، الرحمن، الحديد، المجادلة، الحشر، الممتحنة، الصف، الجمعة، المنافقون، التغابن، الطلاق، التحريم، الانسان، البينة، الزلزلة، النصر)، أما السور المكية فعددها 86 سورة وهي باقي السور.

فائدة: طريقة لحفظ عدد السور المكية والمدنية هو تذكر عدد آيات سورة البقرة (286) آية:

  • أول رقمين يدل على عدد السور المكية (86).
  • آخر رقمين يدل على عدد السور المدنية (28).

قال إبراهيم النائلي في منظومته لبيان المكي والمدني:

يَقَول ابراهيـــم وهــو النَّائــلـيّْ … الحَـمْــــد لله المُهَيـمِـــــنِ العَــلِيّْ

ثُــم الصَــــلاة كالجُــمان عِقْـــدُ … عَلَــــى النَّبـِيِّ المُصْطَفــى وَبَـعْدُ:

المَــدَنِــي مِـن ســور القــــرآنِ … عِــدَّتُهُ عِشْـــرُونَ مَــــــعْ الثَمَـانِ

فَالبَـقَـــرَهْ مَع آل عمران سَمَـتْ … ثُـمَّ النِّسَــاءُ المَائِــــدَةْ قَــــدْ رُتِّبَتْ

لَانْـفَــالُ وَالتَّـوبَــةُ والرَّعدُ ثَبَتْ … والحَــجُّ والنُّـورُ والَاحْـزَابُ أتَتْ

مُحـــمَّــــدٌ والفَــتْـحُ يَــــا إِخْوَانُ … والحُـــجُـــرَاتُ بَعْدُ وَالرَّحْـمَــنُ

مَعَ الحَـــدِيدِ ثُّــــمَّ تِسْـــعٌ قَدْ تَلَتْ … وَهْيَ جَمِيــعُ جُزْءِ قَدْ سَمِعْ جَلَتْ

لِانْسَـــانُ والبَــــيِّــنَةُ الزَّلْــــزَلَةُ … والنَّصْـــرُ تَـــــمَّ عَـدُّهَا يَا إِخْـوَةُ

وَغَــــــيْرُ مَا ذَكَـــــرْتُهُ مَــــكِّيُّ … فِـي المُصْحَفِ الشَّرِيــفِ يَا ذَكِيُّ

نَظَمْتُهَا فِي مَسْجِــــدِ الرَّسُــــولِ … فَــــمُـــــنَّ يَا رَحْـمَــــنُ بِالقَبـُولِش

أهمية القرءان الكريم

القرءان الكريم يوجّه الفرد المسلم إلى طريق الحق القويم في علاقته مع الله جل جلاله وعلاقته مع الناس ومع نفسه، وإلى السنن الثابتة التي تستقيم بها الحياة على الأرض، فقد تضمّن تعريفاً للإنسان بذاته، وكشف عن تكريم الله تعالى له، والغاية من وجوده والتي تتمثَّل بالعبادة وعمارة الأرض، وبيَّنتْ آياته طريق الحق وطريق الضلال مع مصير كلٍ منهما فهو زاخرٌ بالمواعظ التي يتعلّم الإنسان من خلالها أخطاء غيره ويتجاوزها.

أنزله الله عز وجل منهجاً متكاملاً لهداية البشرية وإصلاح حياة الفرد والجماعة في جميع مناحي الحياة، تكمن أهميته فيما اشتمل عليه من هداية إلى العقائد الصحيحة، والأخلاق الكريمة، والتشريعات العادلة، وما اشتمل عليه من تعاليم بناء المجتمع الفاضل، وتنظيم الدولة القوية، فهو حبل الله المتين الذي أمرنا الله سبحانه بالاعتصام به، قال تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ﴾ [آل عمران: 103].

ولقد وعد الله عز وجل المؤمنين الذين يعتصمون بكتابه ويلتزمون بطاعة ما فيه من أوامر وتوجيهات إلهية حكيمة بأنهم يجدون ما يحتاجون إليه من حياة روحية طاهرة، وقوة سياسية وحربية، وثروة وحضارة، ونعم لا تعدّ ولا تحصى، قال تعالى: ﴿وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96]، ووعدهم – إن ءامنوا به وعملوا بما جاء فيه – بالاستخلاف والتمكين والطمأنينة، قال تعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾ [النور: 55].

صفات القرءان الكريم

أنزل الله سبحانه القرءان الكريم على نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، وأمرنا بتلاوته، قال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا﴾ [المزمل: 4]، ويسر لنا ذكره وتدبره، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ﴾ [القمر: 17]، ولقد وصفه الله عز وجل في كتابه بـ:

  1. الهادي الذي يهتدى به الناس إلى الطريق القويم، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ﴾ [الإسراء: 9].
  2. الروح التي لا تحصل الحياة إلا به، قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ﴾ [الشورى: 52].
  3. الحق الذي لا يأتيه الباطل، قال تعالى: ﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ﴾ [فصلت: 42].
  4. النور الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط الله المستقيم، قال تعالى: ﴿قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ 15 يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [المائدة: 15-16].
  5. الشافي لما في الصدور، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ﴾ [يونس: 57].
  6. العلم، قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ حُكۡمًا عَرَبِيّٗاۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا وَاق﴾ [الرعد: 37].
  7. الفرقان الذي يفرق به الله جل جلاله بين الحق والباطل ليكون للعالمين نذيراً، قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1].
  8. الحكيم، الذي أحكمت آياته بالأوامر والنواهي والثواب والعقاب قال تعالى: ﴿وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡحَكِيمِ [يس: 2].
  9. المجيد، قال تعالى: ﴿بَلۡ هُوَ قُرۡءَانٞ مَّجِيدٞ [البروج: 22].

فضل تلاوة القرءان الكريم

عظم الله عز وجل القرءان الكريم وأقسم به في كثير من المواضع منها قوله تعالى: ﴿حمٓ ١ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ﴾ [الزخرف: 1-2]، وأعطى له مكانة عظيمة، وجعل له أحكاماً خاصة بالتعامل معه بياناً لفضله، قال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ لَقُرۡءَانٞ كَرِيمٞ 77 فِي كِتَٰبٖ مَّكۡنُونٖ 78 لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 77-79]، ومن مكانته العظيمة أنّ الصلاة لا تصحّ إلّا به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ” [البخاري: 48].

من القرءان

  • ﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَتۡلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦٓ أُوْلَٰٓئِكَ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾ [البقرة: 121].
  • ﴿لَيۡسُواْ سَوَآءٗۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ 113 يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ﴾ [آل عمران: 113-114].
  • ﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِهِۦ هُم بِهِۦ يُؤۡمِنُونَ 52 وَإِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِهِۦٓ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلِهِۦ مُسۡلِمِينَ 53 أُوْلَٰٓئِكَ يُؤۡتَوۡنَ أَجۡرَهُم مَّرَّتَيۡنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ﴾ [القصص: 52-54].
  • ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ 29 لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ﴾ [فاطر: 29-30].
  • ﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٍ﴾ [الزمر: 23].

من السنة

  • “مَثَلُ المُؤْمِنِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها طَيِّبٌ، ومَثَلُ المُؤْمِنِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لا رِيحَ لها وطَعْمُها حُلْوٌ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌّ” [البخاري: 5111].
  • “ما اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ مِن بُيوتِ اللهِ تَعالى يَتلونَ كِتابَ اللهِ وَيَتَدارسونَه بَينَهم، إلَّا نَزَلتْ عليهمُ السَّكينةُ، وغَشِيَتهمُ الرَّحمةُ، وحَفَّتهمُ المَلائكةُ، وذكَرَهمُ اللهُ فيمَن عندَه” [مسلم: 2699].
  • “يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها” [أبو داود: 1464].
  • “الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ” [مسلم: 798].
  • “منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ: آلم حرفٌ، ولكنْ ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ” [الترمذي: 2910].
  • “… إنَّ اللهَ تعالى يَرفَعُ بهذا الكِتابِ أَقوامًا، ويَضَعُ بِه آخَرينَ” [مسلم: 817].
  • “لا حسدَ إلا في اثنتَينِ: رجلٌ علَّمه اللهُ القرآنَ فهو يَتلوه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ فسمِعه جارٌ له فقال: ليتَني أوتيتُ مِثلَ ما أوتيَ فلانٌ فعمِلتُ مِثلَ ما يَعمَلُ ورجلٌ آتاه اللهُ مالًا فهو يُهلِكُه في الحقِّ فقال رجلٌ: ليتَني أوتيتُ مِثلَ ما أوتيَ فلانٌ فعمِلتَ مِثلَ ما يَعمَلُ” [البخاري: 4738].
  • “مَنْ قامَ بِعَشْرِ آياتٍ لمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، ومَنْ قامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، ومَنْ قامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ” [أبو داود: 1398].

قال الإمام الشاطبي في الشاطبية:

 وَبَعْــدُ فَحَبْــــلُ اللـــهِ فِينَا كِتَابُــــــهُ … فَجَاهِـــدْ بِــــهِ حِبْلَ الْعِدَا مُتَحَبِّلاَ

 وَأَخْلِــــــقْ بـــهِ إذْ لَيْسَ يَخْلُــقُ جِدَّةً … جَدِيداً مُوَاليــــهِ عَلَـى الْجِدِّ مُقْبِلاَ

 وَقَارِئُــــــهُ الْمَرْضِـــــيُّ قَـــرَّ مِثَالُهُ … كاَلاتْــرُجّ حَالَيْــهِ مُرِيحًا وَمُوكَلاَ

 هُوَ الْمُرْتَضَـــــــــى أَمًّا إِذَا كَانَ أُمَّهً … وَيَمَّمَـــهُ ظِـلُّ الرَّزَانَــــةِ قَنْقَـــلاَ

 هُوَ الْحُــرُّ إِنْ كانَ الْحَـــرِيّ حَوَارِياً … لَــــهُ بِتَحَـــرّيهِ إلَـــى أَنْ تَنَبَّـــلاَ

 وَإِنَّ كِتَــــــابَ اللـــــــــهِ أَوْثَقُ شَافِعٍ … وَأَغْنـى غَنَـــاءً وَاهِبـــاً مُتَفَضِّلاَ

 وَخَيْــــرُ جَلِيـسٍ لاَ يُمَـــــلُّ حَدِيثُـــهُ … وَتَرْدَادُهُ يَزْدَادُ فِيــــــهِ تَجَمُّــــلاً

 وَحَيْثُ الْفَتى يَرْتَاعُ فــــيِ ظُلُمَاتِــــهِ … مِــــنَ اْلقَبـــرِ يَلْقَـــاهُ سَناً مُتَهَلِّلاً

 هُنَالِكَ يَهْنِيــــهِ مَقِيــــلاً وَرَوْضَـــــةً … وَمِنْ أَجْلِهِ فِي ذِرْوَةِ الْعِزّ يجتُلَى

 يُنَاشِـــدُه فــــي إرْضَائِـــــهِ لحبِيِبِــهِ … وَأَجْـدِرْ بِهِ سُــؤْلاً إلَيْـهِ مُوَصَّلاَ

 فَيَــا أَيُّهَــا الْقَـــارِى بِــــهِ مُتَمَسِّكـــاً … مُجِلاًّ لَــهُ فِـــي كُـلِّ حَالٍ مُبَجِّلا

 هَنِيئـــاً مَرِيئـــاً وَالِــــدَاكَ عَلَيْهِمـــا … مَلاَبِسُ أَنْـوَأرٍ مِـنَ التَّاجِ وَالحُلاْ

 فَما ظَنُّكُــــمْ بالنَّجْـــلِ عِنْــــدَ جَزَائِهِ … أُولئِكَ أَهْـــلُ اللهِ والصَّفَوَةُ المَلاَ

 أُولُو الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ وَالصَّبْرِ وَالتُّقَى … حُلاَهُمُ بِهَا جَـــاءَ الْقُرَانُ مُفَصَّلاَ

عَلَيْـــــكَ بِهَا مَا عِشْــــتَ فِيهَا مُنَافِساً … وَبِـعْ نَفْسَــكَ الدُّنْيَا بِأَنْفَاسِهَا الْعُلاَ

آداب تلاوة القرءان الكريم

  1. طهارة البدن والمكان، قال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ لَقُرۡءَانٞ كَرِيمٞ 77 فِي كِتَٰبٖ مَّكۡنُونٖ 78 لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 77-79].
  2. الإخلاص، قال تعالى: ﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5].
  3. الاستعاذة بالله من الشيطان، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98].
  4. تحسين الصوت وتطبيق أحكام التلاوة، قال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا﴾ [المزمل: 4].
  5. حضور القلب، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ﴾ [ق: 37].
  6. تدبر المعاني، قال تعالى: ﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [ص: 29].
  7. تعظيم كلام الله والخشوع عند تلاوته، قال تعالى: ﴿لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ﴾ [الحشر: 21].
  8. السكـينة والبكاء، قال تعالى: ﴿قُلۡ ءَامِنُواْ بِهِۦٓ أَوۡ لَا تُؤۡمِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهِۦٓ إِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ يَخِرُّونَۤ لِلۡأَذۡقَانِۤ سُجَّدٗاۤ 107 وَيَقُولُونَ سُبۡحَٰنَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعۡدُ رَبِّنَا لَمَفۡعُولٗا 108 وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا﴾ [الإسراء: 107-109].
  9. الإصغاء والإنصات، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204].

مراتب التلاوة

مراتب تلاوة القرءان الكريم هي سرعات تلاوة القرءان الكريم التالية:

التحقيق

لغةً: هو التدقيق والتأكد.

اصطلاحاً: هو قراءة القرءان بتؤدة واطمئنان وبطء مع مراعاة جميع أحكام التجويد في القراءة من غير إفراط، ولقد عَرَّفه إمام القُرَّاء ابن الجزري بأنه: إعطاء كل حرف حقَّه من إشباع المد، وتحقيق الهمزة، وإتمام الحركات، واعتماد الإظهار والتشديدات، وتوفية الغنات، وتفكيك الحروف، وإخراج بعضها من بعض بالسَّكت والترسل واليُسْر والتؤدة، ومراعاة الوقوف.

فائدة: يقرأ بالتحقيق في مجالس التعليم غالبًا.

الحـدر

لغةً: هو السرعة.

اصطلاحاً: هو إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها مع مراعاة أحكام التجويد في القراءة من غير إفراط، ولقد عَرَّفه إمام القُرَّاء ابن الجزري بأنه: إدراج القراءة وسرعتها، وتخفيفها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير وتخفيف الهمز ونحو ذلك مما صَحَّت به الرواية ووردت به القراءة، مع إيثار الوصل وإقامة الإعراب، ومراعاة تقويم اللفظ وتمكن الحروف.

فائدة: يقرأ بالحدر في صلاة النوافل والتراويح غالبًا.

التدوير

لغةً: هو جعل الشيء على شكل دائرة.

اصطلاحاً: هو قـراءة القرءان بصفة متوسطة بين التحقيق والحدر مع مراعاة أحكام التجويد في القراءة من غير إفراط.

فائدة: يقرأ بالتدوير في صلاة الفرائض غالبًا.

الترتيل

أما الترتيل فالبعض جعله مرتبة مستقلة، والبعض جعله مرتبة بدل التحقيق، والبعض قال بأنه ليس مرتبة مستقلة بل يعم المراتب الثلاثة فقد سئل عليّ رضي الله عنه عن معنى قوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا [المزمل: 4]، فقال: الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف، ولا غنى لقارئ القرءان عن هذا مهما كانت سرعة التلاوة وهذا هو القول الراجح لدينا. 

ما يجب على القارئ أن يعلمه

يتوجب على من أراد أن يقرأ القرءان قراءة صحيحة أن يتعلم أحكام التلاوة ليؤديها على الوجه الذي قرأ به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كمخارج الحروف وصفاتها ليحسن التلفظ بلغة العرب التي نزل بها القرءان الكريم، وأن يتعلم ما يحسن الوقف عليه والابتداء به، ويتعلم رسم المصاحف العثمانية لأنها أحد أركان القراءة الصحيحة من مقطوع وموصول وتاء تأنيث.

 

قال الإمام ابن الجزري في المقدمة الجزرية:

(وَبَـعْــــدُ) إِنَّ هَــــــذِهِ مُـقَـدِّمَــــهْ … فِيـمَـا عَـلَـــى قَـارِئِـــهِ أَنْ يَعْـلَـمَــهْ

إذْ وَاجِـــــبٌ عَلَـيْـهِـــمُ مُـحَـتَّــــمُ … قَـبْـــلَ الـشُّـــرُوعِ أَوَّلاً أَنْ يَعْـلَـمُـوا

مَـخَـارِجَ الْـحُــرُوفِ وَالـصِّـفَـاتِ … لِيَلْـفِـظُــــوا بِـأَفْـصَــــحِ الـلُّـغَـــاتِ

مُـحَـرِّرِي التَّـجْـوِيـدِ وَالمَـــوَاقِـفِ … وَمَـا الَّـذِي رُسِّـمَ فِـي المَصَـاحِـفِ

مِـنْ كُـلِّ مَقْطُـوعٍ وَمَوْصُولٍ بِـهَـا … وَتَـــاءِ أُنْثَـى لَـمْ تَكُـنْ تُكْـتَـبْ بِّـهَـا

مصحف

أساليب القراءة غير الجائزة

لابد من الإلتزام بأحكام التلاوة عند قراءة القرءان دون إفراط أو تكلف، وقد نبه العلماء على ما ابتدعه الناس في قراءة القرءان بنغم شجي يتردد فيه الصوت تردد الوقع الموسيقي والعزف على آلات الطرب، والتي تنقسم إلى ما يلي:

  • الترجيع: تمويج الصوت أثناء القراءة، وخاصة في المد وذلك برفع الصوت ثم خفضه بشكل متكرر في المد الواحد.
  • الترقيص: أن يروم السكوت على الساكن ثم ينقر مع الحركة كأنه في عدْو أو هرولة.
  • التطريب: ملامسة قراءة القارئ لطبوع الموسيقى والطرب بأي وجه من المقامات غير الخاصة بلحون العرب وأصواتها.
  • التحزين: أن يقرأ القارئ بهيئة حزينة اصطناعًا منه ليوهم السامع أنه يبكي من الخشوع.
  • الترعيد: أن يجعل القارئ صوته يرتعد وذلك باهتزاز أحباله الصوتية.
  • التحريف: أن يجتمع أكثر من قارئ ويقرؤون بصوت واحد فيقطع بعضهم القراءة بأن يأتي ببعض الكلمة ويأتي الباقون ببعضها الآخر.
  • الهذرمة: سرعة القراءة بشكل يفقد القراءة فهم حروفها وكلماتها.
  • الترديد: رد الجماعة على القارئ في ختام قراءته بلحن.

 قال الشيخ موسى بن عبيد الله الخاقاني في قصيدته:

أَيَا قَـــــارِئَ القُــــرْآنِ أَحْسِـــــنْ أَدَاءَهُ … يُضَاعِــفْ لَكَ اللهُ الجَزِيلَ مِنَ الأجْــرٍ

فَمَا كُـــلُّ مَـنْ يَتْلُـــو الكِتَـــابَ يُقِيمُـــهُ … وَلا كُلُّ مَــنْ في النَّاسِ يُقْرِئُهُمْ مُقْرِي

وإِنَّ لَنَــا أَخْـــــذَ القِـــــرَاءَةِ سُنَّـــــــةً … عَنْ الأَوَّلِيـــنَ المُقْرِئِيــــنَ ذَوِى السِّتْرِ

فَلِلسَّبْعَـــةِ القُــــرْاءِ حَــقٌّ عَلَى الوَرَى …  لإِقْرَائِهِـــمْ قُـــــرْآنَ رَبِّهُــــمُ لِلْوِتْــــرِ